كرمت جمعية “أصدقاء مرضى السرطان”، التي تتخذ من إمارة الشارقة مقراً لها، أمس (الخميس)، الفائزين في الدورة الثانية من مسابقة “أنا أبتكر” للمدراس، التي تنظمها عبر مبادرتها “أنا”، بهدف تعزيز وعي طلبة المدارس في دولة الإمارات العربية المتحدة بسرطانات الأطفال، وتحفيزهم على تقديم تقنيات مبتكرة للكشف عن أعراض السرطان وعلاجه.
وجاء تكريم الفائزين بالمسابقة التي ترعاها شركة نفط الهلال، أول وأكبر شركة تخص بمشاريع استكشاف وتطوير النفط والغاز في الشرق الأوسط، خلال الحفل الختامي للمسابقة، الذي استضافه قصر الثقافة بالشارقة، حيث اختارت لجنة تحكيم الجائزة أفضل ثلاث اختراعات من بين 36 مشروعاً ابتكرها 180 طالباً وطالبة من 15 مدرسة من إمارات الدولة السبع.
واختارت لجنة التحكيم الاختراعات الفائزة من بين المشاريع المقدمة بعد خضوعها لعملية فرز وتقييم دقيقة، وفاز بالمركز مشروع مبتكر قدمه طلاب من مدرسة أكسفورد في دبي، يتكون من “عصبة رأس وبنطال وتي شيرت”، يساعد في الكشف عن سرطان الغدد اللمفاوية لدى الأطفال، وأعلنت الجمعية أنها ستقوم ببناء نموذج أولي للابتكار، وعرضه في المؤسسات الأكاديمية والشركات الخاصة والمستشفيات، بهدف إيجاد جهة راعية تعمل بالتعاون مع الجمعية لتبني المشروع وتحويله إلى جهاز قابل للاستخدام بصورة مهنية في المؤسسات الطبية المعنية بعلاج السرطان.
ويتمحور المشروع الفائز بالمركز الأول حول الكشف عن سرطان الغدد اللمفاوية لدى الأطفال، حيث تم تزويد مكوناته الثلاثة بأجهزة استشعار للكشف عن أي تغيرات غير طبيعية في وظائف أعضاء جسم الطفل، وتعمل عصبة الرأس على قراءة تقلبات درجة الحرارة والعرق، بينما تم تجهيز البنطال بمستشعرات مثبتة عند الخصر للكشف عن التورم وآلام البطن، فيما يحتوي القميص على مستشعرات لنبضات ومعدل ضربات القلب لمراقبة المؤشرات الحيوية للطفل المريض.
وفاز فريق مدرسة المواكب في منطقة الخوانيج، المكون من ثلاثة أعضاء، بالمركز الثاني عن مشروعهم “الكرسي الروبوتي”، الذي يركز على تحديد الأعراض المبكرة للسرطان مثل الحمى والتعرق الزائد، وهي أعراض شائعة في جميع أنواع سرطانات الأطفال تقريباً، وهو عبارة عن كرسي متحرك مزود بعجلات مع مستشعرات تعمل باللمس، إلى جانب مصباح للقراءة، وطاولة لوضع كتاب أو أي أدوات دراسية أخرى.
فيما نال فريق طلاب مدرسة سبرينج دايلز، المركز الثالث، حيث ابتكروا نموذجاً أولياً لجهاز طبي يعمل بتقنية النانو “نانو ميديبوت”، ويهدف إلى تخفيف الآلام التي يعاني منها الأطفال المصابون بالسرطان نتيجة للعلاج الكيميائي، ويعمل الجهاز من خلال التركيز على تخفيض حرارة الجسم فقط في مواضع الخلايا السرطانية، بدلاً من التأثير الموضعي وهي الطريقة الأكثر شيوعاً في العلاج الكيميائي التقليدي.
وخلال الكلمة التي ألقتها في الحفل قال سعادة ميرة تريم، عضو مجلس إدارة جمعية أصدقاء مرضى السرطان: “تنفيذاً لتوجيهات قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، الرئيس المؤسس لجمعية أصدقاء مرضى السرطان، سفيرة الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان لسرطانات الأطفال، أطلقنا في العام الماضي مسابقة أنا أبتكر، بهدف تعزيز وعي طلبة المدارس في الدولة من عمر 11 عاماً وما فوق بسرطانات الأطفال، وتحفيزهم على تقديم تقنيات وإختراعات وحلول مبتكرة تساعد في الكشف عن أعراض السرطان وعلاجه”.
وأضافت تريم: “نجحت الجائزة في التأكيد على أن الأطفال المصابين بالسرطان لا يسيرون وحدهم في رحلة علاجهم وتعافيهم من المرض، فأقرانهم معهم وإلى جانبهم دوماً، ويحرصون على الإسهام في تقديم كل ما من شأنه أن يخفف من آلامهم، ويساعدهم في تخطي هذه المرحلة من حياتهم حتى يتحقق لهم الشفاء التام ويستعيدوا عافيتهم الكاملة”.
وأكدت تريم أن المسابقة شهدت في دورتها الثانية إقبالاً كبيراً من طلبة المدارس، لافتةً أن عدد المشاركين وصل إلى 180 طالباً وطالبة يمثلون 15 مدرسة في إمارات الدولة السبع، ابتكروا 36 مشروعاً مقارنة مع 75 مشروعاً تم تقديمها في الدورة الأولى، مشيرةً إلى أن الطلاب نجحوا في الخروج بالكثير من الأفكار الفريدة والاختراعات المبتكرة، التي عكست حجم وقوفهم إلى جانب أقرانهم المصابين بالسرطان.
وأكملت تريم: “أظهرت مخططات وأفكار الابتكارات والاختراعات المقدمة المجهود البحثي الكبير التي بذله الطلاب والمعلمون لتطوير مشاريعهم، ونحن بدورنا في جمعية أصدقاء مرضى السرطان نتعهد بتشغيل المشروع الفائز بالأول، لنسجل مع مخترعه خطوة جديدة في مسيرة مكافحة السرطان والحد من أعراضه”.
وقبل الإعلان عن الفائزين عُقدت جلسة نقاشية شارك فيها جميع أعضاء لجنة تحكيم الجائزة، التي تضم كلاً من الدكتورة صبا الحيالي، جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، وممثلة من شركة “لوريال”، والدكتور رائد جداوي، من شركة نفط الهلال، وفلورنس بولتي، من مجموعة شلهوب، وإديث لفاي، من مجموعة شلهوب، وندى بن غالب، مدير إدارة الشؤون المجتمعية في جمعية أصدقاء مرضى السرطان، حيث ناقشوا أفكار المشاريع، وقدموا شرحاً تفصيلياً حول معايير التقييم واختيار الفائزين، والتي شملت فكره المشروع، والبرمجة، والتصميم الهندسي وطريقة العرض والعمل الجماعي.
وضمت قائمة المشاريع التي قدمها جميع الطلاب المشاركون في الدورة الثانية من مسابقة “أنا أبتكر” سريراً قادراً على قياس وزن الطفل المصاب، وجهازاً مجهرياً لمسح العيون ضوئياً وفحص بياضها، ونظاماً لتقييم التقلبات المزاجية والانفعالية لدى الأطفال المصابين، وآخر لدعم العمود الفقري، وروبوتاً لتلبية الاحتياجات الطبية للمريض، إلى جانب روبوت متعدد الاستخدام، وكاميرا مزودة بجهاز استشعار يعمل ببرنامج “سكراتش” لمراقبة العلامات الحيوية للطفل وإرسال تقرير بأي تغييرات فيها إلى طبيبه ووالديه، إضافة إلى عشرة أجهزة استشعار للكشف عن النبض والرطوبة، ودرجة الحرارة، وغيرها من التغيرات الفيزيولوجية والبيئية، وغيرهم الكثير.
وشهد الحفل عرض فيديو قصير، سلط الضوء على أهداف مسابقة “أنا أبتكر” وأبرز ما صاحبها من أنشطة وفعاليات في دورتها الثانية، وفي ختام الحفل كرمت سعادة ميرة تريم، معلمي المدارس المشاركة في الدورة الثانية من المسابقة، أشرفوا على تصميم المشاريع مع طلابهم، كما تم تكريم أعضاء لجنة تحكيم الجائزة، والشركاء ورعاة فرق المدارس وهم: شركة نفط الهلال، ومجموعة الشلهوب، ولوريال، ومركز الابتكار العالمي.
حضر الحفل كل من سعادة ميرة تريم، وسعادة ندى بن غالب، وبدر الجعيدي، مدير البرامج بجمعية أصدقاء مرضى السرطان، والدكتورة صبا الحيالي، وحسن فتاح، وفلورنس بولتي، وإديث لفاي، والدكتور رائد جواد، أعضاء لجنة التحكيم، إلى جانب جميع الطلاب المشاركين في الدورة الثانية من الجائزة ومعلميهم.
وخلال الأربعة أشهر الماضية، أشرف الفريق التقني لمسابقة “أنا أبتكر” على الطلاب والمعلمين خلال ورش العمل التدريبية لمساعدة الطلاب على تنفيذ أفكارهم وتحويلها إلى مشاريع بدءاً من مرحلة بناء الأفكار، وتصميم النماذج، والبرمجة والترميز، وصولاً إلى مرحلة تحويل الإبداعات من أفكار وتصاميم إلى نماذج عملية، كما تلقى المشاركون تدريباً حول كيفية استخدام تقنيات البحث الصحيحة، وكيفية عرض مشاريعهم.
وكانت جمعية أصدقاء مرضى السرطان قد استحدثت في الدورة الثانية من المسابقة، برنامجاً تأهيلياً يختار ثلاثة معلمين من كل مدرسة مشاركة ليصبحوا معتمدين في برنامج “أنا ابتكر” للتدريب الذي يستهدف مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والفنون والرياضيات، وذلك ليتمكنوا من توجيه الطلاب من خلال ابتكارهم للمشاريع بأنفسهم.
يذكر أن مسابقة “أنا أبتكر” تنظمها مبادرة “أنا” لسرطان الأطفال، المنضوية تحت مظلة “كشف” التابعة لجمعية “أصدقاء مرضى السرطان”، وتسعى المسابقة التي تستهدف طلبة المدارس من 11 عاماً فما فوق إلى تعزيز الوعي بسبعة أعراض لسرطان الأطفال، بالإضافة إلى أهمية الكشف المبكر، الذي يلعب دوراً كبيرا في التقليل من الوفيات، لا سيما أن أحدث إحصائيات منظمة الصحة العالمية، تعتبر سرطان الأطفال المسبب الرابع لوفاة الأطفال دون سن الـ 15 عاماً في الدول الصناعية.