أكملت النمسا مؤخراً أولى مراحل بناء جناحها في إكسبو 2020 دبي، حيث ارتفع مخروط يبلغ قطر قاعدته سبعة أمتار عالياً، فيما – سيتم على مدى الشهرين القادمين – بناء 37 مخروطاً آخر على مساحة 2400 متر مربع ليُشكِّلوا معًا كتلة الجناح بالكامل. ستُقطَع المخاريط بارتفاعات مختلفة تتراوح بين ستة أمتار و15 متراً لتتشابك من ثمة مع بعضها. ويستخدم هذا المفهوم المعماري الطموح الشكلَ الهندسي المخروطي البسيط لإنشاء بناء على شكل مجمع قوامه مساحات تتداخل فيما بينها.
مفهوم يعتمد على التبريد بالتهوية مُستوحى من طرق البناء العربية التقليدية
تتميز هذه المخاريط في موقع إكسبو 2020 دبي بأنها مفتوحة من طرفها العلوي، مشكّلةً ” ما يشبه قسماً خارجياً”. على أن الفتحات المشرئبة نحو السماء لا تخلق في الداخل مؤثرات فريدة يتزاوج فيها الضوء مع الظل فحسب، بل هي مظهر رئيسي من مظاهر مفهوم المناخ. وإذ هي تستوحي أبراج الرياح المستخدمة في الهندسة المعمارية العربية التقليدية فإن الاختلافات في ارتفاعات المخاريط تعمل على توليد تيار هوائي بارد على نحو مستمر. وإذا أضفنا إلى ذلك كله التهوية الليلية والكتلة الحرارية العالية للمخاريط، لرأينا أن ذلك يولّد، في منطقة الحدث، جواً لطيفاً داخل الغرفة باستخدام الوسائل الطبيعية. لقد تم بناء المخاريط من البيتون وتكحلت أطرافها من الداخل بالطين، مما يساعد على تخفيض درجة الحرارة بفضل الخصائص الفيزيائية الفريدة. وإضافة لما سبق، يعمل الطلاء الأبيض للمخاريط من الخارج كذلك على التقليل من الانتقال الحراري. وفي المدخل تشكل الخضرة الكثيفة سطحاً ظليلاً، كما أن النباتات تعمل على تلطيف الجو في منطقة الجناح ذاتها. ويتم على نحو خاص انتقاء النباتات القليلة الاستهلاك المائي للجناح.
الهندسة المعمارية المبتكرة والنموذجية
يوفر التصور الحاذق للمناخ تبريداً ميكانيكاً للجناح. وسيشعر المرء بلطافة جو الغرفة في الجناح النمساوي حتى أثناء فترات الجو الحار، وسيحتاج البناء طاقة أقل بـ 70% من البناء التقليدي الذي يعتمد التحكم بالمناخ. هذا، وقد أجريت دراسة مسبقة لموقع المخاريط بالضبط باستعمال محاكيات الكمبيوتر على نطاق واسع، وجرى اختبار ردة فعل البناء تجاه المؤثرات الحرارية-الديناميكية في ظل شروط أشبه ما تكون بالطبيعية. ” يشكل الموقع بالنسبة لنا محدداً أساسياً من محددات إشادة البناء. لقد قمنا، عند وضع تصورنا المعماري للبناء، بفحص طرق تحسس البناء للمناخ في العالم العربي. ونحن نستفيد من هذه المعرفة ونزاوج بينها وبين الهندسة المناخية الحديثة. يتمثل هدفنا في إشادة بناء مستدام لا يستهلك من الموارد إلا قليلها ويسهل تفكيكه بعد ختام الحدث”، هذا ما أكده جيرد إيرهارت من الشركة المعمارية كويركرافت..
وتماشيا مع مبدئها الإرشادي في “إعطاء مساحة رحبة للناس” فقد نفذت الشركة النمساوية العديد من أماكن السكن، والمكاتب، وأبنية المتاحف، ومن بينها الكثير من المشاريع التي حصدت العديد من الجوائز.
يجعل استخدام الأجزاء المسبقة الصنع تفكيك الجناح النمساوي من السهولة بمكان. فكل مخروط يتكون من أجزاء بيتونية مسبقة الصب في دبي. ويتم نقلها إلى موقع البناء بالشاحنات وتجميعها على أرض الموقع باستخدام أدوات ربط خاصة. ويسهل إزالة الأجزاء الإفرادية عقب انتهاء استخدام الجناح. والخطة من وراء ذلك هي استخدامها في إشادة بناء جديد في مكان مختلف في المنطقة العربية بعد إسدال الستار على فعاليات إكسبو 2020 دبي – وبفضل المرونة العالية للمكونات، سيكون بالإمكان صنع شيء يبدو مغايراً تماماً.
الجناح النمساوي: التزام بأبنية بيئية مستدامة في المستقبل
يدعم الجناح النمساوي رؤية إكسبو 2020 في تنظيم واحدة من أكثر نسخة إكسبو الدولي استدامة. وإذ هو واقع في منطقة الفرص، فإن الجناح يسلط الضوء على الإمكانيات المتاحة على شتى الصعد والتي تتخطى البناء المستدام والأبنية التي ترنو إلى المستقبل. وفي هذا السياق، قالت المفوضة العامة بياتريكس كارل إن “للاستخدام المستدام بيئياً والمسؤول للموارد تاريخاً عريقاً في النمسا. وسيكون إكسبو 2020 دبي الحدث الأضخم في العالم لهذا العام، وسيكون محفلا دوليا لبحث تحديات عصرنا الكبرى. نريد أن نستخدم هذا المحفل لعرض السيناريوهات المستقبلية النموذجية لأبنية الغد التي تحقق التوازن المناخي وتقلل من استهلاك الموارد”.
النمسا في إكسبو الدولي www.expoaustria.at
تعوّل النمسا، بجناحها الرائع، على النجاح الذي حققته بتواجدها في المعارض العالمية مؤخراً، ما أثار الكثير من اهتمام الرأي العام. يقع جناح النمسا في إكسبو 2020 دبي في منطقة الفرص. وباستخدامها 38 مخروطاً مكسواً بالطين، فإن شركة كويركرافت للهندسة المعمارية تبتكر جناحاً يمزج بين مميزات العمارة التقليدية وطرائق البناء المبتكرة. تشرف على الجناح وتنفذه شركة آرس إليكترونيكا سوليوشنز أند بيرو فاين. وفي المجمل، فقد اشتركت نحو 100 شركة نمساوية في حضور النمسا في إكسبو الدولي. وقامت على تمويل مشاركة النمسا في إكسبو الدولي الوزارة الفيدرالية النمساوية لشؤون الرقميات والشؤون الاقتصادية والغرفة الاقتصادية النمساوية الفيدرالية.