صحة وطب
مركز ميدكير للعيون يعيد بنجاح النظر لرضيع كفيف وُلد قبل الآوان في الأسبوع 27 مصاب باعتلال الشبكية الخداجي الشديد
دبي، 30 أبريل 2024:
حظي طفل كفيف يبلغ من العمر 60 أسبوعاً مصاب باعتلال الشبكية الخداجي من المرحلة الثالثة، كان قد وُلد بعملية قيصرية طارئة قبل أوانه في الأسبوع 27 لأم مصابة بسكري الحمل، ببصيص أمل في عينيه. ويحدث اعتلال الشبكية الخداجي عندما تنمو الأوعية الدموية بشكل غير طبيعي في شبكية العين وهي حالة تُعرض الرؤية للخطر مما يؤدي إلى الإصابة بالعمى، وتُلاحظ بشكل أكثر شيوعاً عند المواليد الخدج.
وكان الرضيع الذكر، الذي لا يتجاوز وزنه 900 غرام والذي اضطُر للبقاء لمدة 92 يوماً في وحدة العناية المركزة للخدج بعد الولادة، قد خضع لعملية جراحية مبتكرة في مركز ميدكير للعيون على شارع الشيخ زايد لاستعادة نظره. وقد منحت هذه العملية الجراحية والديّ الطفل شعوراً رائعاً بالسعادة والراحة لرؤية طفلهما يتعافى، بعد أن كان دربه محفوفاً بعدم اليقين منذ ولادته المبكرة.
بدأت الصدمة للوالدين المكلومين للطفل الرضيع الذي يحارب من أجل العيش عندما تملّكتهما مشاعر متضاربة أثناء الاحتفال بوصول طفلهما. وقالت والدة الرضيع الحزينة: “لم أكن أعتقد أن لديه فرصة. لا يمكنك النظر إلى مثل هذا الطفل الصغير وتعتقد أنه سيكون على ما يرام”. وفي هذه الأثناء، عمل فريق متعدد التخصصات من خبراء الرعاية الصحية ضمن وحدة العناية المركزة للخدج في المستشفى بلا كلل لإنقاذ الطفل الرضيع، الذي كان يعاني من مرض رئوي مزمن وكان قد احتاج إلى تنفس اصطناعي. ونظراً لكونه وُلد قبل الآوان بسبب مضاعفات ناجمة عن إصابة والدته بسكري الحمل، يشكل فقدان البصر عند الولادة مصدر قلق صحي شائع في هذه الحالة. وعلى الرغم من التحديات الخاصة بالأطفال حديثي الولادة، لم يكن والدا الرضيع على دراية بوجود مشكلات في الرؤية لديه أثناء تعافيه في وحدة العناية المركزة للخدج. لكن الدكتور “براسان راو” لاحظ عدم قدرة الرضيع على الاستجابة للإشارات البصرية أثناء إجراء تقييم دوري في وحدة العناية المركزة للخدّج في الأسبوع 33.
وقالت الأم وهي تستذكر تجربتها المضطربة: “لقد غمرتني مشاعر القلق والخوف والعجز. إن رؤية مولودي الجديد الضعيف وهو يكافح وكان أمراً مؤلماً للغاية، لكنني تمسكت بالأمل وصليت لكي ينعم بالقوة والقدرة على الصمود”.
وتعليقاً على التشخيص، قال الدكتور “براسان راو”، أخصائي طب العيون في مركز ميدكير للعيون: “تتطلب الحالة التي يُطلق عليها اسم “اعتلال الشبكية الخداجي” أو (ROP) اتخاذ إجراءات فورية لحماية الرؤية لدى الطفل وتحسين صحته بشكل عام، ذلك أن ضعف البصر في مرحلة الطفولة يمكن أن يكون له عواقب وخيمة على جودة الحياة. وبناءً على ذلك، فقد وضع فريقنا الطبي بشكل سريع خطة علاجية شاملة تتضمن مراقبة دقيقة وتدخلات علاجية بهدف وقف تطور اعتلال الشبكية الخداجي والحفاظ على البصر لدى الرضيع”.
وتابع قائلاً: “انطوت خطتنا العلاجية على الحقن داخل الجسم الزجاجي للعينين من أجل علاج اعتلال الشبكية الخداجي العدواني، حيث يستلزم هذا الإجراء حقن الدواء بشكل مباشر داخل العين لوقف نمو الأوعية الدموية غير الطبيعية في شبكية العين”.
ولسوء الحظ، تكررت إصابة الرضيع وهو في أسبوعه 42 باعتلال الشبكية الخداجي من المرحلة الثالثة، حيث كان النمو غير الطبيعي للأوعية الدموية في الشبكية، في كلتا عيني الرضيع، مصحوباً بعلامات على تدهور حالة العين مما يشير إلى إصابة العينين بحالة تُعرف باسم “المرض الزائد”. ونظراً لحساسية المنطقة المصابة باعتلال الشبكية الخداجي في العينين، قرر الدكتور “راو” إجراء الحقن داخل تجويف الجسم الزجاجي مرة أخرى بدلاً من اللجوء إلى العلاج بالليزر لإحداث تراجع في نمو الأوعية الدموية غير الطبيعية. وبصفة عامة، تستقر حالة معظم العيون المصابة باعتلال الشبكية الخداجي بعد إجراء حقنة واحدة داخل الجسم الزجاجي، ولكن نظراً لتكرار المرض في منطقة أكبر نسبياً في شبكية العين خالية من الأوعية الدموية، تم التخطيط لإجراء حقنة إضافية داخل الجسم الزجاجي.
وأضاف د. “راو”: “للتشخيص والتدخل المبكر أهمية بالغة في حماية البصر للرضيع المولود مبكراً، خاصة في حالات الإصابة باعتلال الشبكية الخداجي. ومن النادر أن تتكرر الإصابة باعتلال الشبكية الخداجي عقب العلاج بالحقن داخل الجسم الزجاجي، لكن في حال تكررت الإصابة فإن ذلك يستلزم إجراء التخثير الضوئي بليزر الشبكية، وهو إجراء للعين يستخدم الليزر لتقليل أو وقف النمو الشاذ للأوعية الدموية في شبكية العين الذي يؤدي إلى انفصال الشبكية. ومع ذلك، ولأن تكرار الإصابة حدث في مؤخرة العين في هذه الحالة، قررنا إجراء الحقن داخل الجسم الزجاجي مرة أخرى. ويؤكد ذلك على أهمية المنهجيات المصممة خصيصاً في إدارة الحالات المعقدة لضمان أفضل النتائج الممكنة. ومن خلال ضمان الرعاية المثلى، يمكننا أن نسعى لتحسين النتائج لهؤلاء المرضى الضعفاء”.
ورغم ذلك، لم تنتهي المحنة بالنسبة للوالدين، إذ كان لا يزال لدى الرضيع بحلول الأسبوع 60 مناطق في كلا العينين تفتقر فيهما الشبكية للأوعية الدموية الكافية.
وأوضح الدكتور “راو”: “لقد اتبعنا استراتيجية متعددة الخطوات. أولاً، خضع الرضيع لفحص تصوير الأوعية الدموية للقاع، والذي ينطوي على حقن صبغة خاصة في الأوردة للكشف عن الأوعية الدموية غير الطبيعية في شبكية العين. وبعد ذلك، أجرينا استئصال شبكية في الأجزاء الطرفية، والذي يتضمن استخدام الليزر لتخثير مناطق في الشبكية ذات تدفق دم غير كافي. ثم تم اتخاذ قرار المضي قدماً في التخثير الضوئي بالليزر لشبكية العين، مُستهدفاً مناطق في الشبكية ذات تدفق دم منعدم لمنع تطور اعتلال الشبكية الخداجي”.
وبعد الجراحة الناجحة، تحسنت صحة الشبكية لدى الرضيع. غير أن د. “راو” لفت إلى أن الرضيع لا يزال بحاجة إلى مراقبة دقيقة، مشيراً إلى مخاوف بشأن الإصابة بالحول الأنسي الداخلي، وهي حالة تنحرف فيها العينان نحو الداخل مما يتطلب التقييم المتواصل وإصلاح الخلل الإنكساري باستخدام النظارات.
وفي معرض حديثهما عن الرحلة الشاقة، قال والدا الطفل: “لقد شعرنا بقلق شديد ونحن نشاهد صغيرنا يتخطى هذه المحنة بشجاعة. إننا فخورون جداً بقوته وقدرته على الصمود. والآن وبعد أن انتهت هذه المحنة أخيراً، لا يمكننا أن نعبّر بما يكفي عن مدى شكرنا وامتناننا للرعاية الاستثنائية التي قدمها الدكتور “راو” والفريق الطبي بأكمله في ميدكير. لقد منحنا تفانيهم وخبرتهم الأمل خلال أحلك اللحظات التي مررنا بها”.
ورغم أنه لا تزال هناك مخاوف، إلا أن الرضيع لديه الآن فرصة لعيش حياة طبيعية بعد استعادة نظره. وبينما يبدأ هو وأسرته رحلة إيجابية معاً، فقد بات بإمكانهم التعامل مع الحياة بتفاؤل وحماس، والاستعداد لاستكشاف العالم وإمكاناته كأي طفل آخر.