أكد الكاتب أيمن حمدي، رئيس مؤسسة ابن العربي للبحوث والنشر، على أهمية تحقيق ونشر التراث العربي الإسلامي، مبرزًا القيمة العلمية والإنسانية لتراث محيي الدين بن عربي، خصوصاً ما قدمه في كتابه الشهير “الفتوحات المكية”. وأشار إلى أنّ هذا العمل التاريخي يتيح للأجيال فرصة استكشاف فكر ابن عربي العميق ورؤاه المميزة، بما يشكل دافعاً لتقديم هذا التراث بنسخة محققة تليق بمكانته.
جاء ذلك خلال مشاركته في ندوة بعنوان “تراث ابن عربي” ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب 2024 الذي تنظمه هيئة الشارقة للكتاب في مركز اكسبو الشارقة تحت شعار “هكذا نبدأ”، حيث أوضح حمدي أن المعرض كان وما زال يشكل منصة محفزة لكل باحث ومحقق، بما يدفعه نحو خدمة التراث العربي وتقديمه للقراء من منظور جديد، مشيراً إلى أنّ مشاركته الأولى في هذا الحدث الكبير كانت قبل 4 سنوات من الآن، والتي كانت سبباً مباشراً في البدء بتحقيق كتاب “الفتوحات المكيّة” لتقديم شيء جديد للقراء، لما لمسه فيهم من حب لابن العربي.
وتناول أيمن حمدي جانباً من سيرة ابن عربي التاريخية، مشيراً إلى رحلته بين المغرب والمشرق وكيف ترك العسكرية ودخل الخلوة، حيث تقاطع مع ابن رشد في لحظة أثارت اهتمام المؤرخين. ووصف حمدي كيف تعلم ابن عربي علوم الشريعة والأدب منذ صغره، ثم اتجه إلى التصوف، حيث جمع بين تعاليم كبار الصوفيين كابن العريف والغزالي وأبو مدين الغوث.
وأوضح حمدي خلال الندوة أن عمله على تحقيق “الفتوحات المكية” جاء بعد سنوات من البحث في نسخ الكتاب المتعددة، حيث تمكن من الوصول إلى نسخة مميزة من مخطوط قونية المكتوبة بخط ابن عربي، مما دفعه وفريق العمل في المؤسسة إلى تحقيق الكتاب بناءً على هذه النسخة، مع تدوين كافة الفروقات التي وجدوها في هوامش الكتاب، سعياً لتقديم النسخة الأكثر دقة وشمولاً.
وأشار حمدي إلى أن عملية التحقيق تضمنت مراجعات دقيقة للمخطوطات، خاصة في مواضع كان فيها بعض الأخطاء، حيث استعان بفريق عمل متخصص للتأكد من صحة النصوص والنقل الدقيق لما كتبه ابن عربي. وأوضح قائلاً: “رأينا أنه من واجبنا أن نخرج تراث ابن العربي بحلة تعكس أصالته الفكرية والفلسفية، مقدمين نصوصه كما كتبها، ليكون هذا العمل مرجعاً للباحثين والقراء على حد سواء”. وأكد حمدي على أن معرض الشارقة الدولي للكتاب كان بمثابة الدافع الأساسي لانطلاق مشروع تحقيق “الفتوحات المكية”، حيث شهدت الندوة توقيع نسخة من الكتاب المحقق.
وختم حمدي حديثه مقتبساً قول ابن عربي الشهير: “لا راحة لك مع الخلق فارجع إلى الحق فهو أولى بك”، معبراً عن رسوخ هذا الفكر كدعامة رئيسية لفهم أعمق لعالم الصوفية الذي أسسه ابن عربي.