AlMadar Magazine

فهد المعمري: “علم التراجم” بوابة شاملة لاستكشاف تاريخ المنطقة

“علم التراجم في التراث الشعبي يمثل جانباً مهماً من تاريخ الأدب في الإمارات، حيث يقدم صورة شاملة عن الشخصيات التي أثرت في مختلف المجالات الأدبية”… هذا ما أكده الكاتب والباحث فهد علي المعمري، رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للمكتبات والمعلومات، في لقاء بعنوان “علم التراجم في كتب التراث الشعبي” ضمن فعاليات الدورة الـ 43 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، حاورته فيه الشاعرة شيخة المطيري، حيث أشار إلى أن التنوع في الشخصيات والأساليب والمناهج يجعل علم التراجم من أكثر العلوم شمولية، إذ يتيح لنا استكشاف تاريخ المنطقة من خلال شعرائها وفنانيها ومفكريها ورواة تراثها.

وقال المعمري: “علم التراجم يعنى برصد كافة تفاصيل حياة الأشخاص، بدءاً من الميلاد والنشأة، مروراً بفترة التعليم في الكتاتيب والمعلمين، وصولاً إلى مختلف مراحل حياتهم”. وأضاف أن التراجم في الأدب العربي تمتد بجذورها إلى بدايات التصنيف عند العرب، وأن أولى كتب هذا المجال كان كتاب “طبقات الشعراء” لمحمد بن سلام الجمحي، الذي وثق فيه معلومات عن العديد من الشعراء، ثم جاء بعده ابن قتيبة الدينوري بكتابه “الشعر والشعراء”، الذي يُعد أول عمل يؤصل ويؤرخ لعلم التراجم عند العرب.
وأوضح المعمري أن بدايات التراجم في التراث الشعبي قديمة، حيث ظهرت أول مجموعة شعرية في الخليج والإمارات بعنوان “باقة من الشعر الخليجي” طُبعت في دلهي عام 1967 للمؤلف أحمد بن خليفة الهاملي. لكن الكتاب في الأصل يعود للشاعر علي بن قنبر السويدي من أربعينيات القرن العشرين، وقام الهاملي بتنقيحه وإضافة قصائد إليه، مما جعله ينسب إليه. ورغم خلو المجموعة من تراجم واضحة، إلا أنها ذكرت بعض الشعراء، ما يفتح المجال لتتبع المزيد من أسماء الشعراء في المنطقة.

أول إسهام في علم التراجم بالإمارات
وحول أول إسهام في علم التراجم بالإمارات، بين المعمري أنه يعود لعام 1967 مع كتاب “الشعر في دولة الإمارات” للدكتور أحمد أمين المدني، الذي تضمن فصلاً عن تراجم الشعراء، مما شكل بداية مهمة لهذا العلم في الدولة. وفي عام 1979، صدر كتاب “تراثنا من الشعر الشعبي” للراحل خليفة بوشهاب، الذي قدم تراجم لأكثر من 150 شاعراً، مشيراً إلى أصولهم وإماراتهم.
وأضاف المعمري أن الأدب بعد الألفية شهد تطوراً نوعياً، حيث ظهرت تراجم متخصصة مثل كتاب “أعذب الألفاظ في ذاكرة الحفاظ” للدكتور حماد الخاطري، وكتاب “50 شاعراً” للدكتور سلطان العميمي. كما أشار إلى أن الدواوين الشعرية أصبحت مصدراً غنياً للتراجم، مثل كتاب “رسائل من الرعيل الأول” للدكتور عبد الله الطابور، الذي تناول تراجم وافية لكوكبة من المفكرين والصحفيين والمكتبيين.

التراجم الفنية والشخصية
كما تطرق فهد المعمري إلى التراجم الفنية، مثل كتاب “حرف وعزف” لعلي العبدان في ثلاثة أجزاء، الذي وثق الحركة الفنية في الإمارات من بداياتها حتى التسعينيات. إضافة إلى حديثه حول التراجم الشخصية التي تتناول سيرة شاعر أو فنان بعينه، مثل كتاب “سالم الجمري: حياته وقراءة في قصائده” للدكتور سلطان العميمي، وسلسلة “أعلام من الإمارات” التي يضم كل كتاب منها سيرة شخصية بارزة مثل كتاب “حمد خليفة بوشهاب” لمحمد نور الدين.
وأضاف أن كتب التراجم في الإمارات تشمل أيضاً كتب الأمثال، التي تسلط الضوء على الشخصيات المرتبطة بالأمثال، حتى لو كانت بعيدة في التاريخ أو غير مشهورة. كما أن الشعر يسهم في إبراز أسماء شخصيات قد تكون غير معروفة، حيث تثير الإشارات إليهم في القصائد فضول الباحثين للتنقيب عن تاريخهم، ولولا ذكرهم في الشعر لما برزت أسماؤهم إلى النور.
-انتهى-